فصل: تفسير الآيات (97- 100):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{قُلْ لِمَنِ الأرض وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84)}.
أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هرون قال: في مصحف أبي بن كعب {سيقولون لله} كلهن بغير ألف.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن عاصم الجحدري قال: في الإمام مصحف عثمان بن عفان. قال: الذي كتب للناس {قل من بيده ملكوت كل شيء} قال: خزائن كل شيء.
{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (96)}.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد {ادفع بالتي هي أحسن السيئة} يقول: أعرض عن أذاهم إياك.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء {ادفع بالتي هي أحسن السيئة} قال: بالسلام.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: نعمت والله الجرعة تتجرعها وأنت مظلوم، فمن استطاع أن يغلب الشر بالخير فليفعل، ولا قوّة إلا بالله.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أنس في قوله: {ادفع بالتي هي أحسن السيئة} قال: قول الرجل لأخيه ما ليس فيه، يقول إن كنت كاذبًا فأنا أسأل الله أن يغفر لك، وإن كنت صادقًا فأنا أسأل الله أن يغفر لي.
وأخرج البخاري في الأدب عن أبي هريرة قال: أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله إن لي قرابة، أصلهم ويقطعون، وأحسن إليه ويسيئون إلى، ويجهلون عليّ وأحلم عنهم. قال: لئن كان كما تقول كأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك». اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ (93)}.
يقول إن عجلت لهم ما تتوعدهم به فلا تجعلني في جملتهم، ولا توصل إلى سوءًا مثلما توصل إليهم من عقوبتهم. وفي هذا دليلٌ على أنَّ للحقِّ أن يفعلَ ما يريد، ولو عذَّبَ البريء لم يكن ذلك منه ظلمًا ولا قبيحًا.
{وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ (95)}.
تدل على صحة قدرته على خلاف ما عَلِمَ؛ فإنه أخبر أنه قادر على تعجيل عقوبتهم ثم لم يفعل ذلك، فَصَحَّتْ القدرةُ على خلاف المعلوم.
{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (96)}.
الهمزة في {أحسن} يجوز ألا تكون للمبالغة؛ ويكون المعنى ادفع بالحسن السيئة. أو أن تكون للمبالغة؛ فتكون المكافأة جائزةً والعفوُ عنها- في الحُسْنِ- أشدَّ مبالغةً.
ويقال ادفع الجفاءَ بالوفاء، وجُرْمَ أهل العصيانِ بحكم الإحسان.
ويقال ادفع ما هو حظك إذا حصل ما هو حق له.
ويقال اسلك مسلكَ الكَرَم ولا تجنح إلى طريقة المكافأة.
ويقال الأحسنُ ما أشار إليه القَلبُ، والسيئةُ ما تدعو إليه النَّفْسُ.
ويقال الأحسنُ ما كان بإشارة الحقيقة، والسيئةُ ما كان بوساوس الشيطان.
ويقال الأحسنُ نورُ الحقائقِ، والسيئةُ ظلمةُ الخلائق. اهـ.

.تفسير الآيات (97- 100):

قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98) حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كان الصبر عليه لا يطاق إلا به سبحانه، أمره بالدعاء بذلك فقال: {وقل رب} أيها المحسن إلى {أعوذ بك} أي ألتجىء إليك {من همزات الشياطين} أي أن يصلوا إلى بوساوسهم التي هي كالنخس بالمهماز في الإقحام في السيئات البعد عن مطلق الحسنات، فكيف بالأحسن منها كما سلطتهم على الكافرين تؤزهم إلى القبائح أزًا {وأعوذ بك رب} أي أيها المربي لي {أن يحضرون} أي ولو لم تصل إلى وساوسهم فإن حضورهم هلكة، وبعدهم بركة، لأنهم مطبوعون على الفساد لا ينفكون عنه.
ولما كان أضر أوقات حضورهم ساعة الموت، وحالة الفوت، فإنه وقت كشف الغطاء، عما كتب من القضاء، وآن اللقاء، وتحتم السفول أو الارتقاء، عقب ذلك بذكره تنبيهًا على بذل الجهد في الدعاء والتضرع للعصمة فيه فقال معلقًا بقوله تعالى: {بل لا يشعرون} أو بمبلسون، منبهًا بحرف الغاية على أنه سبحانه يمد في أزمانهم استدراجًا لهم: {حتى} أو يكون التقدير كما يرشد إليه السياق: فلا أكون من الكافرين المطيعين للشياطين حتى {إذا جاء} وقدم المفعول ليذهب الوهم في فاعله كل مذهب فقال: {أحدهم الموت} فكشف له الغطاء، وظهر له الحق، ولاحت له بوارق العذاب، ولم يبق في شيء من ذلك ارتياب {قال} مخاطبًا لملائكة العذاب على عادة جهله ووقوفه مع المحسوس دأب البهائم: {رب ارجعون} أي إلى الدنيا دار العمل؛ ويجوز أن يكون الجمع لله تعالى وللملائكة، أو للتعظيم على عادة في مخاطبات الأكابر لا سيما الملوك، أو لقصد تكرير الفعل للتأكيد.
ولما كان في تلك الحالة على القطع من اليأس من النجاة لليأس من العمل لفوات داره مع وصوله إلى حد الغرغرة قال: {لعلي أعمل} أي لأكون على رجاء من أن أعمل {صالحًا فيما تركت} من الإيمان وتوابعه؛ قال البغوي: قال قتادة: ما تمنى أن يرجع إلى أهله وعشيرته ولا ليجمع الدنيا ويقضي الشهوات، ولكن تمنى أن يرجع ليعمل بطاعة الله، فرحم الله امرًا عمل فيما يتمناه الكافر إذا رأى العذاب.
وقال ابن كثير: كان العلاء بن زياد يقول: لينزلن أحدكم نفسه أنه قد حضره الموت فاستقال ربه فأقاله فليعمل بطاعة الله عز وجل.
ولما كان القضاء قد قطع بأنه لا يرجع، ولو رجع لم يعمل قال ردعًا له وردًا لكلامه: {كلا} أي لا يكون شيء من ذلك، فكأنه قيل: فما حكم ما قال؟ فقال معرضًا عنه إيذانًا بالغضب: {إنها كلمة} أي مقالته {رب ارجعون}- إلى آخره، كلمة {هو قائلها} وقد عرف من الخداع والكذب فهي كما عهد منه لا حقيقة لها.
ولما كان التقدير: فهو لا يجاب إليها، عطف عليه قوله، جامعًا معه كل من ماثله لأن عجز الجمع يلزم منه عجز الواحد: {ومن ورائهم} أي من خلفهم ومن أمامهم محيط بهم {برزخ} أي حاجز بين ما هو فيه وبين الدنيا والقيامة مستمر لا يقدر أحد على رفعه {إلى يوم يبعثون} أي تجدد بعثهم بأيسر أمر وأخفه وأهونه. اهـ.